فصل: الخبر عن ملوك العجم القائمين بالدعوة العباسية في ممالك الإسلام والمستبدين على الخلفاء ونبدأ منهم أولا بدولة ابن طولون بمصر وبداية أمرهم ومصاير أحوالهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن ملوك العجم القائمين بالدعوة العباسية في ممالك الإسلام والمستبدين على الخلفاء ونبدأ منهم أولا بدولة ابن طولون بمصر وبداية أمرهم ومصاير أحوالهم.

قد تقدم لنا عند ذكر الفتوحات فتح مصر على يد عمرو بن العاص سنة عشرين من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإذنه وولاه عليها وافتتح ما وراءها في المغرب إلى طرابلس وودان وغذامس حسبما ذلك مذكور هنالك وأقام عمرو في ولايتها أيام عمر كلها وولى عثمان على الصعيد عبد الله بن أبي سرح وأفردها بالولاية وكان يعدو على عمرو فغضب عمرو وأبى من الرجوع إلى ولاية مصر فضمها عثمان لعبد الله بن أبي سرح وولاه عليها وكانت في أيامه غزوة الصواري جاءت مراكب الروم من القسطنطينية في ألف مركب ونزلوا بسواحل الإسكندرية وانتقض أهل القرى ورغب أهل الإسكندرية من عثمان أن يمدهم بعمرو بن العاص فبعثه وزحف إليهم في العرب ومعه المقوقس في القبط وخرجوا من البحر ومعهم من انتقض من أهل القرى ففتح الله على المسلمين وهزموا الروم إلى الإسكندرية وأمضى عمرو في قتلهم ورد على أهل القرى ما غنم المسلمون منهم وعذرهم بالإكراه ورجع إلى المدينة وأقام عبد الله في ولايتهم وغزا أفريقية وافتتحها ثم غزا بلد النوبة ووضع عليهم الجزية المعروفة الباقية على الأيام وذلك سنة إحدى وثلاثين ثم كان من بعد ذلك يبعث معاوية بن خديج فيفتح ويثخن إلى أن استملك فتح أفريقية ووفد على عثمان آخر أيامه عندما اهتاجت الفتنة وكثر الطعن عليه من جماعة جند مصر يتعللون بالشكوى من ابن أبي سرح مع وفد من الجند شاكين من عمالهم بالأمصار وعزله عثمان يسترضيهم به فكانت قضية الكتاب المنسوب إلى مروان وحصارهم عثمان بداره وخرج عبد الله من مصر مددا لعثمان فخالفه محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة إلى مصر وانتزى بها ورجع عبد الله من طريقه فمنعه الدخول فسار إلى عسقلان وأقام بها حتى قتل عثمان ثم سار إلى الرملة وكانت من مهماته فأقام بها هربا من الفتنة حتى مات ولم يبايع عليا ولا معاوية ثم قتل عمرو بن العاص محمد بن أبي حذيفة وفي كيفية قتله إياه اضطراب ثم ولى علي على مصر قيس بن سعد بن عبادة وكان ناصحا له شديدا على عدوه واستماله معاوية فأساء في الرد عليه وأشاع معاوية خلاف ذلك عنه فعزله علي من أجل ذلك وولي ذلك الأشتر النخعي واسمه مالك بن الحرث بن يغوث بن سلمة بن ربيعة بن الحرث بن خزيمة بن سعد بن مالك بن النخع وسار إلها فمات بالقلزم قريبها منها سنة سبع وثلاثين فولى علي مكانه محمد ابن أبي بكر وكان نشأ في حجره ثم بعث معاوية إلى عمرو بن العاص وهو بفلسطين قد اعتزل الناس بعد مقتل عثمان واستماله واجتمع معه على قتال علي وولاه مصر فسار إليها بعد انقضاء أمر صفين وأمر الحكمين وطلب معاوية الخلافة وقد اضطرب الأمر على محمد بن أبي بكر وخرج عليه معاوية بن خديج السكوني مع جماعة من العثمانية بنواحي مصر فكاتب عمرو العثمانية وسرح الكتائب إلى مصر وفي مقدمتها معاوية بن خديج فهزموا عساكر محمد وافترق عنه أصحابه وقتل كما هو معروف في أخباره ودخل عمرو بن العاص الفسطاط وملك مصر إلى سنة ثلاث وأربعين ومائة فتوفي وملك مكانه ابنه عبد الله ثم عزله معاوية وولى أخاه عتبة بن أبي سفيان وتوفي سنة أربع وأربعين وولى مكانه عقبة بن عامر الجهني ثم عزله سنة سبع وأربعين ومائة وولى مكانه معاوية بن خديج ثم اقتطع عنه أفريقية سنة خمسين وولى عليها عقبة بن نافع ثم جمع مصر وأفريقية لمسلمة بن مخلد الأنصاري فبعث مسلمة على أفريقية مولاه أبا المهاجر وأساء عزل عقبة كما هو معروف ثم مات معاوية وولي ابنه يزيد واضطربت الأمور وبويع عبد الله بن الزبير بمكة وانتشرت دعوته في الممالك الإسلامية فبعث على مصر عبد الرحمن بن جحدم القرشي وهو عبد الرحمن بن عقبة بن أياس بن الحرث بن عبد بن أسد بن جحدم الفهري ثم بويع مروان وانتقض ابن الزبير وسار مروان إلى مصر فأخرج منها عبد الرحمن بن جحدم وولى عليها عمر بن سعيد الأشدق ثم بعثه للقاء مصعب بالشام وولى مكانه على مصر ابنه عبد العزيز بن مروان ثم هلك سنة خمس وكان مروان قد مات فولي مكانه ابنه عبد الله ابن عبد الملك ثم عزله الوليد سنة تسع وثمانين وولى عليها مرة بن شريك بن مرثد بن الحرث العبسي ومات سنة خمس وتسعين فولى الوليد مكانه عبد الملك بن رفاعة سنة تسع وتسعين وكان قد استخلفه عند موته ويقال بل ولي قبله أسامة بن زيد التنوخي ثم عزل عمر بن عبد العزيز عبد الملك بن رفاعة سنة تسع وتسعين وولى مكانه أيوب بن شرحبيل بن أكرم بن أبرهة بن الصباح الأصبحي ثم عزله يزيد بن عبد الملك وولى مكانه بشر بن صفوان وأقره يزيد ثم عزله هشام بن عبد الملك وولى بن رفاعة وتوفي بعد خمس عشرة ليلة واستخلف أخاه الوليد بن رفاعة وأمره هشام فأقام سبعة أشهر ثم عزله ومد حنظلة بن صفوان في المحرم سنة أربع وعشرين ومائة وأقره هشام ثم استعفى مروان بن محمد حين ولى فأعفاه وولى مكانه حسان بن عتامة بن عبد الرحمن السجيني وكان بالشام فاستخلف حمير بن نعيم الحصري بمصر ثم قدم ورفض ولايتها فولى مكانه حفص بن الوليد لستة عشر يوما من ولايته وبقي حفص شهرين ثم ولى مروان الحوثرة بن سهل بن العجلان الباهلي في محرم سنة ثمان وعشرين ومائة ثم صرف عنها في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة وولي المغيرة بن عبد الله بن مسعود الفزاري ثم مات في جمادى سنة ست وثلاثين واستخلف ابنه الويد وولى مروان بن عبد الملك موسى بن نصير فأمر باتخاذ المقابر في الكور وإنما كانوا يخطبون على العصي ثم قدم مروان بن محمد إلى مصر وكان فيها مهلكه كما هو معروف ثم جاءت الدولة العباسية فولى السفاح على مصر عمه صالح بن علي سنة أربع وثلاثين ومائة وبقيت في ولايته يستخلف عليها فاستخلف أولا محصن بن فإني الكندي ثمانية أشهر ثم أبا عون عبد الملك بن يزيد مولى مناه ثمانية أشهر وولى داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة في محرم سنة أربع وسبعين ثم عزله في محرم سنة خمس وسبعين لسنة من ولايته وأعاد إليها موسى بن عيسى ثم صرفه في ربيع سنة ست وسبعين وولى ابن عمه إبراهيم بن صالح وتوفي لثلاثة أشهر من ولايته وقام بالأمر بعده ابنه صالح فولى الرشيد عبد الله ابن المسيب بن زهير الضبي في رمضان سنة ستة وسبعين ومائة ثم عزله بعد الحول وولى هرثمة بن أعين ثم أمره بالمسير إلى أفريقية لثلاثة أشهر من ولايته سلخ ثمان وسبعين ومائة وولى أخاه عبيد الله بن المسيب ثم أعاد موسى بن عيسى في رمضان سنة تسع وسبعين ومائة فاستخلف ابنه يحيى ثم صرف موسى في منتصف سنة ثمانين لعشرة أشهر من ولايته وأعيد عبيد الله بن المهدي ثم صرفه في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة وأعيد إسمعيل بن صالح بن علي من العمومة فاستخلف ثم صرف في منتصف اثنتين وثمانين ومائة وأعيد لعشرة أشهر من ولايته وولى الليث بن الفضل من أهل أسبورد فوليها أربع سنين ونصفا وعزل ثم ولى الرشيد من قرابته أحمد بن إسمعيل بن علي منتصف سبع وثمانين ومائة فبقي عليها سنتين وشهرين ثم ولى مكانه عبد الله بن محمد بن الإمام إبراهيم بن محمد ويعرف بابن زينب وصرفه عنها آخر شعبان من سنة تسعين ومائة لسنة وشهرين من ولايته وولى حاتم بن هرثمة بن أعين فقدم في شوال سنة أربع وتسعين ومائة ثم صرفه الأمير ثم منتصف خمس وتسعين ومائة لسنة وثلاثة أشهر من ولايته وولى جابر بن الأشعث بن يحيى بن النعمان الطائي منتصف خمس وتسعين ومائة فأخرجه الجند منها سنة وست وتسعين ومائة لسنة من ولايته ثم ولى المأمون عليها عباد بن محمد بن حيان البلخي مولى كندة ويكنى أبا نصر ثم عزله لسنة ونصف من ولايته في صفر سنة ثمان وتسعين ومائة وولى المطلب بن عبد الله بن مالك ابن الهيثم الخزاعي وقدمها من مكة في منتصف ربيع الأول ثم صرفه في شوال لثمانية أشهر من ولايته وولى من عمومته العباس بن موسى بن عيسى فبعث عليها ابنه عبد الله ومعه الإمام محمد بن إدريس الشافع رضي الله تعالى عنه فأقام عليها شهرين ونصفا فقتله الجند يوم النحر سنة ثمان وتسعين ومائة وولوا عليهم المطلب بن عبد الله ثم جرت بينه وبين السدي وبين الحكم بن يوسف مولى بني ضبة من أهل بلخ من قوم يقال لهم الزط وجرت بينه وبين أهل المطلب حروب وخرج هاربا إلى مكة بعد سنة وثمانية أشهر من ولايتها ووليها السري بإجماع الجند في رمضان سنة مائتين ثم وثب به الجند بعد ستة أشهر وولوا سليمان بن غالب بن جبريل بن يحيى بن قرة العجلي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة ومائتين وولى عبد الله بن طاهر بن الحسين مولى خزاعة فأقام عشرة ثم ولى المأمون عليها أخاه أبا إسحاق الملقب في خلافته بالمعتصم فأقر عيسى الجلودي وبعده عمير بن الوليد التميمي في صفر سنة أربع عشرة ومائتين ثم قتل بعد شهرين واستخلف ابنه محمد بن عمير شهرا ثم أعاد عيسى الجلودي ثم جاء أبو إسحاق المعتصم إلى الفسطاط وعاد إلى الشام واستخلف عبدويه بن جبلة في المحرم فاتح خمس عشرة فأقام سنة وولى عيسى بن منصور بن موسى الخراساني الرافعي مولى بني نصر بن معاوية ثم قدم المأمون مصر لسنة من ولايته فسخط على عيسى بن منصور وعمر المقياس وجسرا آخر بالفسطاط وولى كندر بن عبد الله ابن نصر الصفدى ويكنى أبا مالك ورجع إلى العراق ومات كندر في ربيع سنة تسع عشرة ومائتين واستخلف ابنه المظفر ولما صارت الخلافة للمعتصم ولى على مصر مولاه أشناس ويكنى أبا جعفر في رجب سنة ثمان عشرة فاستخلف عليها موسى بن أبي العباس ثابت من بني حنيفة من أهل الشاش في رمضان سنة تسع عشرة ومائتين واستخلف ابنه المظفر فأقام مستلخفا لأشناس أربع سنين ونصفا ثم عزله بعد سنتين واستخلف مالك ابن كيد بن عبد الله الصفدي فقدم في ربيع سنة أربع وعشرين ومائتين ثم عزله بعد سنتين واستخلف علي بن يحيى الأرمني وقدم في ربيع سنة ست وعشرين ومائة ثم عزله بعد سنتين وثمانية أشهر واستخلف عيسى بن منصور الذي كان مستخلفا لمعتصم أيام المأمون وسخطه المأمون عند قدومه مصر فقدم عيسى في محرم سنة تسع وعشرين ومائتين ثم مات أشناس بعد الثلاثين وقد استخلف على مصر إتياخ مولى المعتصم وأقيم إتياخ مكان أشناس فأقر الواثق إتياخ على مصر فأقر إتياخ عيسى بن منصور في ربيع سنة ست وثلاثين ومائتين فبقي أربعة أشهر ثم استخلف إتياخ هرثمة بن النضر الجبلي فقدم منتصف سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وأقام سنة ثم مات سنة أربع وثلاثين ومائتين وقام بأمره ابنه حاتم رضي الله تعالى عنه فاستخلف إتياخ على بني يحيى الأرمني في رمضان سنة أربع وثلاثين ومائتين ثم صرف إتياخ عن ولاية مصرفي محرم سنة خمس وثلاثين ومائتين بعد وفاة المعتصم وولى المتوكل على مصر ابنه المستنصر فاستخلف عليها إسحاق بن يحيى بن معاذ الختلي وقدم في ذي القعدة من سنته وفي أيامه أخرج ولد علي من مصر إلى العراق ثم صرف في ذي القعدة من سنة ست وثلاثين ومائتين واستخلف المستنصر عليها عبد الرحمن بن يحيى بن منصور بن طلحة وريق وهو ابن عم طاهر بن الحسين وقدم في ذي القعدة سنة ست وثلاثين ومائتين ثم اصرفه واستخلف عنبسة بن إسحاق بن عبس بن عبسة من أهل هراة ويكنى أبا حاتم في صفر سنة ثمان وثلاثين ومائتين وفي ولايته كبس الروم دمياط يوم عرفة من سنة ثمان وثلاثين ومائتين واستخلف يزيد بن عبد الله بن دينار من موالهم ويكنى أبا خالد وفي أيامه منع العلويون من ركوب الخيل واقتناء العبيد ثم ولي المستنصر الخلافة في شوال سنة سبع وأربعين ومائتين فأقر يزيد على ولاية مصر ثم صرف عنها في ربيع سنة ثلاث وخمسين لعشر سنين من ولايته وولى المعتز مكانه مزاحم بن خاقان ابن عزطوج التركي في ربيع سنة أربع وخمسين وعهد إلى أزجور بن أولغ طرخان التركي فأقام خمسة أشهر وخرج حاجا في رمضان سنة أربع وخمسين وولي أحمد بن طولون واستفحل بها أمره وكانت له ولبنيه بها دولة كما نذكر الآن أخبارها.